کد مطلب:281437 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:266

عظمة الإمام المهدی
بماذا تتحقق العظمة؟ هل تتحقق العظمة للإنسان بسیطرته علی الحكم وأخذ زمام الأمور؟ أم بكثرة جمعه للأموال والثروات وحصوله علی متاع الدنیا من الحرث والأنعام؟ أم أن العظمة تحصل للإنسان بقدر نیله للكمالات الروحیة والفضائل الخلقیة، وبكثرة تحقیقه للإنجازات الإصلاحیة وتغییر أمته الفاسدة المتخلفة إلی أمة حضاریة إیمانیة متقدمة؟.

فی الحقیقة إن الكمال الحقیقی للإنسان لا یكون إلاّ بالعلم والإیمان وبالأخلاق والإصلاح، ومن دون تحقیق ذلك یبقی النقص والتدهور ینخر بحیاة الإنسان، فلا عظمة إلاّ بتحقیق تلك الكمالات وإیجاد تلك الخصائص والحصول علی تلك الدرجات العالیة ولكن هناك عظمة تفوق عظمة تلك الكمالات الأخلاقیة والعلمیة بدرجات عالیة جداً، ألاّ وهی عظمة القرب من الله عز وجل، والحصول علی مرضاته والوصول إلی المقامات والدرجات العظیمة عنده عز وجل. ولیست العظمة فی الوصول إلی المناصب الدنیویة، بل وحتی الدینیة وإن كانت تملأ عیون الناس، كما ولیست العظمة فی كسب الثروة والمال والحصول علی متاع الدنیا من الحرث والأنعام.

إن العظمة الحقیقیة فی الحصول علی الملاكات الروحیة والقوة النفسیة بحیث یستطیع المرء أن یقف أمام عنفوان شهواته وأهوائه، ویملك غضبه وسخطه، ولا یتعدی حدود الله جلا وعلا. فالقوی من غلب هواه كما قال أمیر المؤمنین علیه السلام، والشدید من ملك غضبه.

وبعبارة أخری إن العظمة فی الوصول إلی المقامات الإیمانیة، والدرجات العلمیة والفضائل الخلقیة، وكلما ارتقی المرء فی درجات العلم والإیمان وتحلی بالأخلاق الرفیعة والملكات الروحیة، ارتقت درجة عظمته وسمو نفسه وجلالة قدره.

وعلی ضوء هذا البیان نستطیع أن نعرف عظمة الرسول الأكرم وأهل بیته الأطهار صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین. فالأنبیاء العظام لما ارتقوا إلی معالی المقامات والدرجات السامیة من العلم والإیمان، والزلفی عند العلی الأعلی كانت ترتفع درجة عظمتهم وتسموا مقاماتهم فی أرقی درجات الكمال والسمو وفی أعلی درجات الجنان والعلو. ومن هنا نستطیع أن ندرك عظمة الإمام الثانی عشر المهدی المنتظر علیه السلام بید أنه لا یمكن الإحاطة بجمیع أبعاد عظمة شخصیة المباركة لأن ذلك یستلزم معرفة جمیع خصائصه وصفاته كما ویستلزم معرفة أبعاد تلك المقامات ودرك سمو تلك المنازل. بید أننا نستطیع أن نتحدث عن جوانب ثلاث فی شخصیته المباركة، ألا وهی الجانب الأخلاقی، والجانب الإصلاحی، والجانب الربانی.

إن الإمام المهدی علیه السلام رغم عظمة شخصیته المباركة إلاّ أنه فی منتهی التواضع لكسب المعارف والحكم، فقد جاء فی الحدیث الشریف عن مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام فی بیان عظمة الإمام: - قد لبس للحكمة جُنتها وأخذها بجمیع أدبها من الإقبال علیها والمعرفة بها والتفرغ لها، وهی عند نفسه ضالته التی یطلبها وحاجته التی یسأل عنها فهو مغترب إذا اغترب الإسلام وضرب بعسیب ذنبه-.

أجل، إن الإمام علیه السلام رجل عظیم، تلبس للحكمة جُنّتها... فهو یبحث عن الحق والحقیقة وعن الحكمة، فهو یسأل عنها لیقتطفها ویسبق الآخرین فی العمل بها، فالحكمة ضالته المنشودة، حیث یترصد لها كل شاردة وواردة، بعكس ما یفعله الجاهلون، فالحكمة وعلی الرغم من أهمیتها إلاّ أنها مهملة لا یعیر الغافلون لها بالاَّ، فهی كالدرر المتناثرة بین أیدیهم لا یعرفون قیمتها غیر أنها ثمینة جداً لدی العلماء العارفین.

والإمام المهدی علیه السلام رغم ما عنده من المعارف والعلوم لا یغفل عن الحِكَم المودعة فی الحیاة وفی المخلوقات والمحكیة علی الألسن والأعمال، فهو الإمام الهادی والولی المرشد، ورغم ذلك فهو لا یری نفسه فوق السعی نحو الحكمة، والمعارف والحِكَم الربانیة، فهو الطالب لها والآخذ العامل بها، كما وهو المرشد لها والهادی إلیها.

فالإمام هو النموذج المتكامل للحكم والمعارف، وهو الإمام المقتدی، فحیاته وسلوكه وأقواله وأعماله وتصرفاته،كلها دروس للناس یتخذونها مشاعل للهدایة ودساتیر للسعادة. فإذا كان الإمام رغم ما لدیه من المعارف الإلهیة فهو أول الباحثین عن الحكمة والناشدین لها، فكیف یجب علی بقیة الناس أن یتعاملوا مع الحكم والمواعظ؟ وكیف یلزم علیهم أن ینشدوها ویبحثوا عنها ویأخذوا بها؟

وحینما یتحدث الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام عن الإمام المهدی - عجل الله فرجه- أنه الباحث عن الحكمة بحیث تكون ضالته المنشودة رغم ما لدی الإمام من المقامات والكرامات والمعارف والعلوم، فهو فی الحقیقة یرشدنا فی نفس الوقت إلی الأهمیة القصوی لهذه الجوهرة الثمینة، المهملة عند الجهّال والغالیة الثمینة لدی الأئمة والعلماء العارفین، فما أعظم هذا الدرس وما أبلغ هذه الموعظة، حقاً لو كانت الحكمة ضالة كل إنسان، ورجاء كل باحث، لكانت الحیاة البشریة كلها حیاة سعادة وأمن ورفاه. من هنا لم یكن حدیث الله تعالی فی القرآن إلاّ تأكیداً لهذا، حینما بیّنً عن أهمیة الحكمة لمن ینالها فی قوله تعالی: (وَمَنْ یُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أوتِیَ خَیْراً كَثِیراً) (البقرة:269).

وإلی جانب التواضع والبحث عن الحِكَم فإن المقامات الأخلاقیة السامیة للإمام المهدی -عجل الله فرجه- تمثل امتداداً وتجسیداً حیّاً للخُلق المحمدی الرفیع، وقد تواترت الأحادیث الشریفة عن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم وأهل بیته الأطهار علیهما السلام، بأن الإمام القائم - عجل الله فرجه- أشبه الناس بالرسول صلی الله علیه و آله و سلم - خلقاً وخُلقاً...

1- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - یخرج رجل من أمتی یواطئ اسمه اسمی وخلقه خلقی فیملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً-.

2- وعن أمیر المؤمنین علیه السلام: - ألا أنه أشبه الناس خلقاً وخلقاً وحُسناً برسول الله صلی الله علیه و آله و سلم..-.

3- وعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - القائم من ولدی اسمه اسمی وكنیته كنیتی وشمائله شمائلی...-.

4- وعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - المهدی من ولدی اسمه اسمی وكنیته كنیتی أشبه الناس بی خَلقاً وخُلقاً...-.

إتضح جلیاً من خلال هذه الأحادیث الشریفة عن شمائل الإمام القائم - عجل الله فرجه- وأخلاقه السامیة وسیرته المباركة. ولكی تتضح لنا أبعاد هذه الشخصیة المباركة نقتطف بعضاً من مدی تأثیر ذلك فی مسیرة حركته المباركة والتفاف الناس حوله لما یرون من عطفه وعدله وشجاعته وجوده ووقوفه بوجه الظالمین وشدته فی تطبیق الحق وإقامة العدل، وبالتالی فهو القاسم بالسویة والعادل فی الرعیة والمحقق للناس الأمن والسعادة والرفاهیة.

ومن تلك الأحادیث المثنیة والكاشفة عن عطف الإمام علیه السلام وكرمه وعدله ورحمته وشجاعته وتواضعه وخشوعه لله تعالی وغیرها من الشمائل والأخلاق المحمدیة السامیة، هذه النماذج العطرة:

1- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - أبشركم بالمهدی یبعث فی أمّتی علی اختلاف من الناس وزلازل فیملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، یرضی عنه ساكن السماء وساكن الأرض، یقسم المال صحاحاً... بالسویة بین الناس... ویملأ قلوب أمة محمد صلی الله علیه و آله و سلم غنی ویسعهم عدله...-.

2- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم - تأوی إلیه أُمته كما تأوی النحلة (إلی) یعسوبها...-.

3- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - المهدی كأنما یُلعقُ المساكین الزبد-.

4- وعنه صلی الله علیه و آله و سلم: - علامة المهدی علیه السلام أن یكون شدیداً علی العمال، جواداً بالمال، رحیماً بالمساكین-.

5- وعن أمیر المؤمنین علیه السلام وهو ینسب الإمام المهدی - عجل الله فرجه- ویصفه: -... من بنی هاشم، من ذروة طود العرب وبحر مغیضها إذا وردت، ومخفر أهلها إذا أتیت، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت، لا یجبن إذا المنایا هكعت، ولا یخور إذا المنون اكتنعت، ولا ینكل إذا الكماة اصطرعت، مشمر مغلولب، ظفر ضرغامة... أوسعكم كهفاً وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً...-.

6- وعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - یبلغ من ردّ المهدی المظالم حتی لو كان تحت ضرس إنسان شیء انتزعه حتی یرده-.

7- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع-.

8- وعن أمیر المؤمنین علیه السلام، فی حدیث طویل تضمن فی جانب منه الخصال التی یشترطها الإمام (المهدی عجل الله فرجه) علی أصحابه لقبول مبایعتهم له حیث یقول(عج): -... إنّی لست قاطعاً أمراً حتی تبایعونی علی ثلاثین خصلة تلزمكم لا تغیرون منها شیئاً، ولكم علیّ ثمان خصال... أنا معكم علی أن لا تُولوا ولا تسرفوا ولا تزنوا ولا تقتلوا مُحرّماً ولا تأتوا فاحشة ولا تضربوا أحداً إلاّ بحقه ولا تكنزوا ذهباً ولا فضة ولا تبراً ولا شعیراً ولا تأكلوا مال الیتیم ولا تشهدوا بغیر ما تعلمون ولا تخربوا مسجداً ولا تقبحوا مسلماً ولا تلعنوا مؤاجراً إلاّ بحقه، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا الذهب ولا الحریر ولا الدیباج، ولا تبیعوها ربا، ولا تسفكوا دماً حراماً ولا تغدروا بمستأمن ولا تبقوا علی كافر ولا منافق وتلبسون الخشن من الثیاب وتتوسدون التراب علی الخدود وتجاهدون فی الله حق جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، فإذا فعلتم ذلك فعلیّ أن لا أتخذ حاجباً ولا ألبس إلاّ كما تلبسون ولا أركب إلاّ كما تركبون وأرضی بالقلیل وأملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وأعبد الله عز وجل حق عبادته وأوفی لكم وتفوا لی...-.

ولكی نطلع علی جوانب أخری من حیاة الإمام - عجل الله فرجه- ودوره الفذ نلاحظ عظمة أخری تتلألأ فی هذه الشخصیة المباركة، ألا وهی المسؤولیة الكبیرة الملقاة علی عاتقه، وهی مهمة الإصلاح العالمی التی سیقوم بإنجازها، وهذا إن دل علی شیء فإنما یدل علی وجود خصائص وصفات عالیة وفریدة فی هذه الشخصیة النادرة التی مكنته من تحمل هذه المسؤولیة الكبیرة، ولولا وجود هذه الخصائص والصفات السامیة فی شخصیته المباركة لما كانت هذه المهمة الصعبة توضع علی عاتقه، حیث أن هذه المهمة صعبة وشاقة تتطلب شخصیة عظیمة بقدرها، ولولا وجود مثل هذه الشخصیة لمثل هذه المهمة الكبیرة لما استطاع أحد القیام بهذا الدور الكبیر ولهَوت البشریة نحو السقوط الجهنمی والنهایة المأساویة الفجیعة والتی هی النتیجة الطبیعیة للعالم الذی تحكمه الأهواء والمصالح المتضاربة للدول والأنظمة المتصارعة للسیطرة علی المنابع والثروات. ولذا ادّخر الله ولیه الأعظم لمثل ذلك الیوم العصیب قبل أن تدمّر الأسلحة الشاملة الفتاكة أرجاء المعمورة كلها لتخلص البشریة من النهایة المرعبة وتنقذ بقیة المخلوقات والجمادات التی تنتظر الرحمة الإلهیة من ذلك الیوم المروع الذی تسال الدماء فی الشوارع والأزقة وتسقط الاشلاء علی جوانبها ویتحرك الطاعون یوزع غازاته السامة القاتلة لیصطاد الأحیاء، عند ذاك یوحی الله تعالی لولیه الأعظم بالقیام بالنهضة المباركة فی أكبر مهمة إصلاحیة، یقوم بها مصلح ربانی عالمی لم یشهد التاریخ له مثیلاً من قبل إلاّ حینما بعث الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم قبل أربعة عشر قرناً.

فكما فتح الله تعالی لرسوله الأكرم حصون الشرك، یختتم سبحانه وتعالی بولیّه الأعظم عجل الله فرجه، معالم رسالته بتطهیر العالم من آثار الشرك والفساد، وبهذا یتحقق مقالة الرسول الأكرم حینما قال: - بنا فتح الأمر، وبنا یختم، وبنا استنقذ الله الناس فی أول الزمان، وبنا یكون العدل فی آخر الزمان، وبنا تملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ترد المظالم إلی أهلها برجل اسمه إسمی-

إذن فشخصیة الإمام المنتظر -عجل الله فرجه- شخصیة عظیمة تقترن بدور خطیر ومهمة إصلاحیة عالمیة ثقیلة الحمل والمسؤولیة بهدف إعادة البشریة إلی جادة الحق والهدی والصواب، وإنقاذها من براثن الفتن والفساد ومن السقوط فی الهاویة الحتمیة التی تسیر نحوها بسرعة هائلة مدفوعة بمطامع الأهواء والشهوات وزیغ الأفكار والنظریات.

ولتسلیط الضوء علی جوانب من هذه المهمة الكبیرة لهذه الشخصیة المباركة نقتطف باقة عطرة من الأحادیث الشریفة لأهل البیت علیهما السلام بهذا الخصوص.

1- عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال: قلت یا رسول الله المهدّی منا أئمة الهدی أم من غیرنا؟ قال صلی الله علیه و آله و سلم: - بل منّا، بنا یختم الدین كما بنا فتح وبنا یستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك وبنا یؤلف الله بین قلوبهم فی الدین بعد عداوة الفتنة كما ألف الله بین قلوبهم ودینهم بعد عداوة الشرك-.

2- وعنه أیضاً علیه السلام،قال: - لما نزلت علی النبی صلی الله علیه و آله و سلم (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (النصر:1) قال لی: یا علی إنه قد جاء نصر الله والفتح.. بل منّا، بنا یفتح الله وبنا یختم الله، وبنا ألف الله بین القلوب بعد الشرك وبنا یؤلف الله بین القلوب بعد الفتنة...-.

3- عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم: - …... لو لم یبقی من الدنیا إلاّ یوم واحد لطول الله ذلك الیوم حتی یبعث رجلاً صالحاً من أهل بیتی یملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً-

4- عن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم: -... ومنّا والذی نفسی بیده مهدی هذه الأمة الذی یملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً-.

5- عن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم: -... یقوم بالدین فی آخر الزمان كما قمت به فی أول الزمان، ویملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً-.

6- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - لا تقوم الساعة حتی تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً. قال: ثم یخرج رجل من عترتی أو من أهل بیتی یملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً-.

7- عن أمیر المؤمنین علیه السلام: -... یخرج فی آخر الزمان یُقیم اعوجاج الحق..-.

8- عن الإمام الحسین علیه السلام: - مِنّا اثنا عشر مهدیاً أولهم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب، وأخرهم التاسع من ولدی وهو القائم بالحق، یحیی الله به الأرض بعد موتها، ویظهر به دین الحق علی الدین كله ولو كره المشركون...-.

9- عن الإمام الحسن علیه السلام: -... یملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، یدین له عرض البلاد وطولها لا یبقی كافر إلاّ آمن به ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح فی ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز...-.

10- عن الرسول الأكرم علیه السلام: - الأئمة بعدی اثنا عشر، أولهم أنت یا علی وآخرهم القائم الذی یفتح الله عز وجل علی یدیه مشارق الأرض ومغاربها-.

11- عن أمیر المؤمنین علیه السلام: - یعطف الهوی علی الهدی إذا عطفوا الهدی علی الهوی ویعطف الرأی علی القرآن إذا اعطفوا القرآن علی الرأی... یأخذ الوالی من غیرها عمّالها علی مساوئ أعمالها وتخرج له الأرض أفالیذ كبدها وتلقی إلیه سلماً مقالیدها فیریكم كیف عدل السیرة ویحیی میّت الكتاب والسنة-.

12- عن الإمام الباقر علیه السلام: - إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلی أمرٍ جدید كما دعا إلیه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وإن الإسلام بدأ غریباً وسیعود غریباً كما بدأ فطوبی للغرباء-.

13- وعنه أیضاً علیه السلام: - یهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، ویستأنف الإسلام جدیداً-.

14- وعنه أیضا علیه السلام عندما سُئل عن القائم - عجل الله فرجه- بأی سیرة یسیر، فقال: - بسیرة ما سار به رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم حتی یظهر الإسلام... أبطل ما كان فی الجاهلیة واستقبل الناس بالعدل، وكذلك القائم علیه السلام إذا قام یُبطل ما كان فی الهدنة مما كان فی أیدی الناس ویستقبل بهم العدل-.

15- وعنه أیضاً علیه السلام: -... یعمل بكتاب الله، لا یری فیكم مُنكراً إلاّ أنكره-.

16- عن الإمام الحسن علیه السلام: - یُظهر الله قائمنا فینتقم من الظالمین..-.

17- عن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم: - هو رجل من عترتی یقاتل علی سنّتی كما قاتلت أنا علی الوحی-.

18- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - یقفو أثری لا یخطئ-.

من خلال هذه الأحادیث الشریفة یتضح أن الإمام القائم - عجل الله فرجه- شخصیة فذة وعظیمة وفریدة فی خصائصها ونادرة فی صفاتها وقدراتها لیس لها مثیل من نوعها، لذلك أُنیطت مهمة إنقاذ البشریة والإصلاح علی مستوی العالم أجمع بشخصیته المباركة كما وتتجلی عظمة منقذ البشریة فی آخر الزمان ومكانته السامیة عند الله سبحانه، فالإمام علیه السلام لیس مجرد شخصیة إصلاحیة منقذة للعالم وحسب، بل انه شخصیة ربانیة عظیمة عند الله تعالی یأتی لتحقیق الوعد الإلهی باعتباره یمثل خلاصة الرسالات السماویة ومجسد حی وواقعی لدین الله عز وجل لیعلی كلمة الله سبحانه فی الأرض، ومحقق لهدف كل الأنبیاء فی إنقاذ الناس من الضلالات والفتن والمهالك والمفاسد ویوصلهم إلی شواطئ الأمن والسعادة والرفاه فی ظل حكومة الحق والعدل.

ولعل هذه المنزلة والمكانة المقدسة التی نالتها هذه الشخصیة الربانیة الفذة لم ینلها أحد من الأولین والآخرین، حیث اجتمعت فی شخصیته المباركة عظمة الدنیا والآخرة، وهذا ما لم یجتمع لأحد من العالمین فی طول التاریخ من الرجال الربانیین ما عدی النبیَّین سلیمان وذی القرنین، ومما لا شك فیه أن القائم - عجل الله فرجه- یعتبر أفضل وأسمی مقاماً منهما عند الله وإذا كانت عظمة الرسول الأكرم وأمیر المؤمنین وفاطمة الزهراء والسبطین والأئمة الأطهار (علیهم صلوات الله وسلامه) لم تنكشف فی الدنیا لكل العالمین ولن تنكشف أبعادها الحقیقة إلاّ فی الآخرة... إلاّ أن منزلة وعظمة الإمام المهدی - عجل الله فرجه- تظهر وتنكشف فی الحیاة الدنیا قبل عالم الآخرة، وهی میزة تمیز بها الإمام عن الأنبیاء والرسل والأئمة الأطهار علیهما السلام، فتحقیق النصر الإلهی لدین الله سبحانه والوعد الإلهی باستخلاف المؤمنین والمستضعفین فی الأرض وإتمام كلمة الله تعالی وإظهار دینه علی الدین كله ولو كره المشركون وإقامة العدل والقسط... كل ذلك لم یتحقق بشكل كامل علی ید أی نبی أو رسول أو إمام أو وصی... ولن یتحقق إلاّ علی ید الإمام القائم - عجل الله فرجه- لما خصه الله تعالی من جلالة القدر وعظیم الشأن إجلالاً للرسول صلی الله علیه و آله و سلم وتكریماً لنسله المبارك من الأئمة الطاهرین وتتویجاً وتكریماً لجهوده الجبارة التی بذلها فی سبیل إعلاء كلمته العلیا، فهل هناك عظمة تتصور بأعلی من هذه العظمة بعد عظمة الرسول الأكرم وأمیر المؤمنین وفاطمة الزهراء والسبطین صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین؟

ولكی نعرف جانباً من إبعاد هذه الشخصیة الربانیة الفریدة نفرد بعض الأحادیث الشریفة عن أهل البیت علیهما السلام حتی نعرف سبب أفضلیة الإمام علی باقی الأنبیاء والأوصیاء ما عدا الرسول الأكرم وأمیر المؤمنین وفاطمة الزهراء والحسن والحسین علیهم أفضل الصلاة والسلام.

1- فعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - لیلة اسری بی السماء قال لی الجلیل جل جلاله: آمن الرسول بما انزل إلیه من ربه، قلت: والمؤمنون. قال: صدقت یا محمد. قال: من خلفت فی امتك؟ قلت: خیرها. قال: علی بن أبی طالب. قلت: نعم یا رب. قال: یا محمد إنی اطلعت علی الأرض اطلاعة فاخترتك منها وشققت لك اسماً من أسمائی فلا اذكر فی موضع إلاّ ذكرت معی فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانیة فأخترت منها علیاً وشققت له اسماً من أسمائی فأنا الأعلی وهو علی. یا محمد إنی خلقتك وخلقت علیاً وفاطمة والحسن والحسین والأئمة من ولده من سنخ نوری وعرضت ولایتكم علی أهل السموات أهل الأرض فمن قبلها كان عندی من المؤمنین ومن جحدها كان عندی من الكافرین. یا محمد لو أن عبداً من عبیدی عبدنی حتی ینقطع أو یصیر كالشن البالی ثم أتانی جاحداً لولایتكم ما غفرت له حتی یقر بولایتكم. یا محمد تحب أن تراهم. قلت: نعم یا رب. فقال لی: التفت عن یمین العرش فألتفت فإذا بعلی وفاطمة والحسن والحسین وعلی بن الحسین ومحمد بن علی وجعفر بن محمد وموسی بن جعفر وعلی بن موسی ومحمد بن علی وعلی بن محمد والحسن بن علی والمهدی فی ضحضاح من نور قیاماً یصلون، وهو فی وسطهم (یعنی المهدی) كأنه كوكب دری. وقال: یا محمد هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك وعزتی وجلالی إنه الحجة الواجبة لأولیائی والمنتقم من أعدائی-.

2- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم -... واختار من الحسین حجة العالمین تاسعهم قائمهم أعلمهم أحكمهم-.

3- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم عن الله سبحانه وتعالی: -... وبالقائم منكم اعمر أرضی بتسبیحی وتهلیلی وتقدیسی وتكبیری وتمجیدی وبه أطهر الأرض من أعدائی وأورثها أولیائی وبه أجعل كلمة الذین كفروا بی السفلی وكلمتی العلیا وبه أحیی عبادی وبلادی بعلمی وله (وبه) أظهر الكنوز والذخائر بمشیتی وإیّاه أظهره علی الأسرار والضمائر بإرادتی وأمدّه بملائكتی لتؤیده علی إنفاذ أمری وإعلان دینی، ذلك ولیی حقاً ومهدی عبادی صدقاً-.

ان منزلة القائم - عجل الله فرجه- رفیعة وعظیمة لدرجة أن شخصیة كبیرة مثل النبی موسی علیه السلام تتمنی أن تكون لها هذه المنزلة وهذا الدور الرسالی العظیم فقد جاء فی الحدیث الشریف أنه - نظر موسی بن عمران فی السفر الأول إلی ما یعطی قائم آل محمد من التمكین والفضل فقال موسی: رب اجعلنی قائم آل محمد. فقیل له إن ذاك من ذریة أحمد. ثم نظر فی السفر الثانی فوجد فیه مثل ذلك فقال مثله، فقیل له مثل ذلك. ثم نظر فی السفر الثالث فرأی مثله فقال مثله، فقیل له مثله-.

فالإمام المهدی شخصیة عظیمة مختارة من قبل الله عز وجل لیوم عظیم یجری الله علی یدیه العدالة الإسلامیة بحذافیرها ولا یستطیع أحد أو جماعة أو أمة أن تحقق العدالة والإصلاح علی وجه الكرة الأرضیة بشكل شامل وكامل من دون تمییز وتفریق كما یقوم بها الإمام علیه السلام. فالإمام المهدی شخصیة فریدة ومنتخبة من قبل السماء وسیشاهد العالم عن قریب - إن شاء الله - هذا الإصلاح العالمی الكبیر الشامل لكل نواحی الحیاة الإصلاح یكون بكل ما تحمل كلمة الإصلاح والعدالة والسعادة من معنی وهذا ما یتمناه كل المستضعفین فی الأرض، وإلی ذلك الیوم فالجمیع بانتظار الرحمة الإلهیة والعدالة الربانیة علی ید المصلح العالمی الإمام المهدی القائم من آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم.